[ كتاب| أغاني العصفور الأزرق ]


الطبعة : التاسعة
المؤلف : محمد الرطيان
دار النشر : مدارك
التقييم : * * *
كتابٌ نستشف من غلافه سلاسة الأسلوب، ومن عنوانه موضوع الكتاب، تطرق فيه الكاتب إلى عدة أفكار، وتكرر عدد منها بين دفّتي الكتاب، وإن دل على شيء فهو ثبات مبادئ الرطيان، وصدق تعبيره دون الخضوع إلى ذوق القرّاء، فلا أذكر أن قرأت في كتابه فكرة تناقض نفسها.
بدأ الكتاب بدعاء جميل، ذكر فيه ولأول مرّة كلمة “الحقيقة“، التي كرر الحديث عنها في عدة صفحات متفرقة، حيث دعا الله أن يبصره الحقيقة، وأنكر القدرة على إيجاد الحقيقة التامة، وحذّر من قول الحقيقة دون تفكيرٍ، وأشار إلى السبب وراء جدل الشخص من أجل الحقيقة.
وأسلوب الكاتب اتسم بالرقّة واللطافة مما يجعل لجوءه إلى التشبيهات السريالية شيئًا مستغربًا، كتشبيهه الخيانة بشرب الدم في كأس من العظم، وتشبيهه الورقة بالكفن، كما أن أسلوب التشبيه يكثر في نصوص الكاتب، من استعارة وتشبيه بليغ أو تام الأركان.
وككاتب، أظهر كثيرًا حبه للكتابة، فهي له تحرر، وحلم، وحب، ورئة ثالثة، وعدّ الإحساس وحرية الاختيار أمرين أساسيّين في الكتابة.
استخدم الكاتب بعض الأفكار -والألفاظ- بكثرة، ليتحدث عدة مرات عن أسد السيرك، مما يذكرني باستخدام الكاتب الفرنسي لافونتين للحيوانات في قصصه كناية عن أفراد وفئات من المجتمع، كما كرر وصف المواطن بشكل غير مباشر بالضعيف أو المستضعف، ومن المصطلحات المكررة في ثلاث صفحات مختلفة : الحذاء (وجلده)، والقيد والإسورة.
إحدى التغريدات في كتابه كانت كمحاكاة لمقطع من مقال “ماذا لو اختفت الدائرة؟“ للكاتب ياسر حارب، بالرغم من أن كتاب الرطيان كان الأسبق، وهي قوله: “كلاهما يلتفان حول عنقك.. واحد ليزينه، والآخر ليخنقه: عبقرية العقل الشرير ابتكرت “المشنقة“.. وعبقرية العقل الخير ابتكرت “ربطة العنق“!“.
وتغريدة أخرى كأنها محاكاة للأغنية المسرحية الأوبيرالية “فيغارو“ للموسيقار روسيني، حيث قال فيها: “كرسي الحلاق: هو الكرسي الأكثر ديمقراطية في عالمنا العربي.. الجميع يستطيع الجلوس عليه!“.
ويوضح الكاتب بعض آرائه الاجتماعية بشكل غير مباشر -أو ربما بشكل ساخر- في بعض تغريداته، إحداها كانت حول قيادة المرأة للسيارة.
وبعض الفقرات تعمد فيها أن يكون في المنتصف ليترك القارئ وحده من يحدد المعنى كما أراد وكيفما استطاع دون أن يصرح الكاتب -نفسه- به ودون تدخل منه في تفسير النص، ومنها حينَ استنطق الماء، وتخيله يقول للإنسان: “أنا الأرخص، وأنا الأغلى.. بالضبط مثلك أيها الإنسان!“.
أما تحت عنوان “أين تذهب هذا المساء؟“ كانت لي وجهة نظر تعارض الكاتب، حيث وجدتُ النص في أسلوب ساخر وجميل ولكنه يعبر بغير إنصافٍ -وبسوداوية- عن المجتمع بأسلوب تعميم، وكأنه ينكر وجود فئة -أو فئات- ناجحة وواعية في المجتمع، كذلك شعرتُ في موضوع “كأس“ بمحاولة استعطاف للمواطن تحول إلى استضعاف.
أكثر التغريدات المثيرة للجدل في نظري هي تغريدة رجل الأمن ورجل الدين التي قال فيها:
“رجل أمن: المظاهرات ممنوعة لأنها حرام.
رجل دين: المظاهرات حرام لأنها ممنوعة. “
ومن أجمل ما كتب في الكتاب، مقال “أشربُ الشاي.. أكتبُ الطعم“، وكذا التغريدة الثانية والعشرون، والستون ،وغيرهما الكثير، ولكني سأختار التالية لأختم بها مقالي:
”أي فكرة لا تستطيع أن تهز قناعاتي تجاه الأشياء، وتجعلني أرى العالم بشكل مختلف.. هي فكرة ميتة!“
لكل من تستهويه كتب التغريدات، أعدك بأن ينال هذا الكتاب إعجابك، حتى وإن اختلفتَ مع الكاتب في أمرٍ ما.
٢٠ مارس ٢٠١٦

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s