ما يزال البعض بدائيًّا مهما تمدّن، ولو كان لم يزر قريته ولا باديته ولو لمرة واحدة ووُلِدَ وترعرع وشبَّ وشاب في المدينة إلا أنه يظلُّ بدائيَّ الاعتقاد ورجعيّ الفكر.
مؤسفٌ أن يعيش مريضَ نفسٍ حياته على وهم السحر والحسد والعين، فإن كان مسحورًا حبسوه أهله بينَ أربعةِ جُدُرٍ خوفًا عليه من عينٍ تشفق عليه أو حدثٍ يُعاب عليه.
وإن كان محسودًا صنعوا منه أهله إنسانًا متطرف الزهد ومتأخرًا عن التيار حتى لا تظهر على وجهه نعم الله عليه فيزيده الحاسد حسدًا.
وإن كانَ مُعانًا فإنها عين عائنٍ بعيدٍ لا يمكنهم اللحاق بفنجانه ليأخذوا من غساله، أو ثقيلًا غليظًا يعجزون عن طلبِ بصقاته الماحية لتعب السنين كلها ..
ولا يرضون بحقيقة أنه مريضٌ وأن المرض داء لم يعجز العلم عن حله، وأن لكل داء دواء هم أقرب إليه من “ملتحٍ” يحاكي الجنّ أو عجمة تمرة.