هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها نصًّا من على فراشي، بين وسائدي وعلى سطور دفتري المخصص لكتاباتي خارج المنزل.
ما يميز نصي هذا هو الجو المحيط بقلمي.. بل التفاصيل جميعها.. أكتب هنا بين أسرتي، بعد شروق الشمس، على فراشي، بمزاج جميل حقيقة رغم ما يسكنني من شوق، حبر أخضر بعد فنجان القهوة الأول منذ شهر أو ما يقاربه، بعده بساعات حقيقة، وأثناء سماعي لأغنية عربية، أجل، فأنا لم أكتب يومًا أثناء سماعي موسيقى بكلمات عربية، ما يميز النص أيضًا أنه بلا هدف، بلا محتوى، بلا فصاحة، ركيك الأسلوب..
كتاب كافكا ملقى على وجهه كقط منبطح.. أمي تعلن النوم، أخي يعدني بكعك ويكمل ساعته الثالثة، أجل، أعلم أنه نسي أو أنه غيب عن البعد الرابع كعادته، لذا لا أنتظره ولا أنوي تذكيره.
دائما ما أشعر بالرغبة في التوقف عن الكتابة ودائمًا ما أشرع بذلك فورًا.. أضع خاتمة، وآخذ شهيقًا.. هذه المرة سأجرب الاستمرار بالكتابة.. وإن كان الكلام فارغًا جدا ولكن، من يعلم منا ما قد أصل إليه؟
أتعلم ما أكثر ما يحتاجه شخص يتحدث لغة اجنبية واحدة على الأقل؟ المرونة.. ربما في المواقف الحرجة أستطيع جدا تجنب الخلط بين لغتين أو ثلاث لكني أكره عدم تداركها أثناء ممارسة الكتابة. تماما كالآن، أكتب بالعربية بينما يترجم ذهني بعض الكلمات إلى الفرنسية وبعض الجمل إلى الإنجليزية. الأسوأ من ذلك أن أنصت إلى أفكار ثانوية أثناء استرسالي العقيم هذا..
ماذا؟ لمَ تسكت الأفكار عند توقفي عن الخط؟
لقد مررت في شهري هذا بظرف صعب، أتعلم أن أصعب الظروف هي تلك التي تمر بحالة سيكولوجية وفسيولوجية خلالها بدلا من أحدهم.. وكأنك تشاركه ظرفه ولكنك في الحقيقة لا تراه.. لا تسمعه.. لا تدري ما الذي يدور حوله.. لكنك تتضامن معه أو أكثر منه.. أعني أنك تظن نفسك شاعرًا به والحقيقة أنك تتصرف بمبالغة شديدة بينما يمارس حياته بشكل طبيعي، وبالرغم من ذلك ما زلت تصر على كونها مشاركة.. هراء..
أتساءل ما الذي يطفئ فيني الحماسة إلى هذا الحد؟ هل تحدثها أحيانا قفزات الوعي؟
ساقاي المكسوتان بالندبات لم أعد أخفيهما عن الآخرين.. شعري الأجعد الفوضوي أصبحت أسرحه عشر مرات في اليوم، أنام نصف يوم وأبقى يقظة ليوم ونصف، أتناول مشروباتي في أكواب مشطوبة رغم تجنبي الدائم لذلك..
وأخسر خمسة آلاف غرامٍ في غضون أسبوعين دون أدنى جهد يذكر، بعد محاولات دامت لثلاثة أعوام.. أما زلت أكتب؟ يا للعجب!
اليوم إن سألتني عن لوني المفضل فلن أعرف لسؤالك إجابة.. حتى أن الحياد ليس جوابي هذا المرة.. اسألني عن أفضل كتاب قرأتُه وسأختار الكثير.. اسألني إلى أين أود السفر.. سأتردد.. اسألني عن هواياتي وسأفكر طويلا بصمت عما إذا كانت لي هوايات.
ليس تبلدا أو لامبالاة.. أبدو هادئة فقط.. رغم الثورات المتقلبة بداخلي.. لا أعني الجوع الذي يكاد يقتلني في هذه اللحظة ولكن أعني عواطفي.. انفعالاتي المكبوتة.. انفعالاتي المتطرفة بين حب شديد وحزن شديد وامتنان شديد ولا شيء أبدًا..
لا شيء.
تبدو أفضل طريقة للسكوت قليلًا..
لا شيء.. لا شيء.. كلمتان أبلغ من أي تعبير.. كل شيء، كلمتان أكثر من فارغة.
جدة – 18 أبريل 2018
هراء كفراشة زارت وسادتي في خلوتي ونسيّت ان تعود لزيارتي مرة أخرى .. رجاء
إعجابLiked by 1 person