دائمًا ما أفكر في الفئات التي تسعى لإثارة الجدل وتصنف نفسها في تيارات وتحت مسميات معينة، وأصل لتحليل أنها لو لم تكن تشعر بضعفها لما فعلت كل هذه الضجة.
بمعنى أن القوي لا يحتاج لأن يردد “أنا قوي، أنا قوي”، بينما الضعيف ليقوى يردد ذلك لنفسه، وإن لم يكن قادرًا على التطور والتخلص من ضعفه أقحم الناس كلهم وردد على مسامعهم: ” أنا قوي، أنا قوي.”
يطول شرح هذا الأمر ويصعب حصر أمثلته والمعنيين فيه، لذا ما زلت لا أشعر بأني على استعداد لطرح شرح مطول عنه وتفسيره، لاعتقادي بأن المعنى المقصود لن يصل إلا لبضعة أفراد، وأنه قد يُرى كهجوم على جنس أو عرق أو دين.
بالمناسبة، أذكر محاضرة للدكتور عبدالله الغذامي حضرتها منذ عام تقريبًا حكى فيها عن الأخوية النسوية، وكانت المرة الأولى التي أسمع فيها هذا المصطلح: “الأخوية”، فسر عندها الدكتور الأخوية النسوية بأن المرأة قد تكون عدوة للمرأة.. بعيدًا عن صحة ذلك من عدمها، بدأت أسأل نفسي منذ تلك الليلة: يا ترى من ذا الذي قد يعادي شبيهه؟ وما أسبابه؟
حتى اليوم، وجدت أن معاداة المتشابهين لبعضهم غالبًا ما تحصل في الأقليات أو الفئات المضطهدة من المجتمع أو غيرها، أي أن الفئات الأقل سلطة في المجتمع قد تخلق العداوة بين أفرادها بشكل أكبر من الفئات الأكبر سلطة، لكنها في المواقف الشبيهة بالغربة قد تكون صديقة جدا.
ليست العداوة فقط ما يمكن ملاحظته في هذه الحالة، بل أيضًا قلّة التميّز، بمعنى أنه كلما كان لفئة ما سلطة أكبر من الفئات الأخرى، كان تنوعها أكبر، فتجد أفرادها مختلفين من منطقة لأخرى ومن دولة لأخرى بينما الفئات الصغيرة الأقل سلطة أو الأقليات يتشابه أفرادها في أي مكان على وجه الأرض إلى حد كبير جدا في العادات والطباع والأفكار.
نسبة كبيرة مما سبق قد يكون باطلًا أو أن غيري يلحظ نقيضه، ربما غفلت عن جزء كبير من الصورة ولم ألحظه قط وبعد، وقد أكون أدركته جيدًا.. على كل حال، هذا الأمر مثير للاهتمام.. أليس كذلك؟