[وداعًا منقذي]

“أدركت عندها أنه منقذي الذي جاء ليقلب حياتي رأسًا على عقب.”

جملة سمعتها في مسلسلٍ واستوقفتني لأتأمل مبدئيًّا طبيعة العلاقات الاجتماعية النافعة والسامة في بعض الأحيان، فمن زاوية قد تكون علاقتنا بأحدهم سامة ولا نرغب إلا بالخلاص منها في أقرب فرصة، لكنها -دون أن ندرك (إلا في أحيان)- هي المحرك الرئيسي لنا في الحياة، أو في جزء من الحياة، إذ لولا أن اقتحمت الشخصية المحورية في العلاقة حياتنا عنوةً لما اختلف حالنا إلى ما هو جدير بالذكر.

ولو نظرنا من زاوية أخرى ففي الحقيقة أن الحياة كلها قائمة على هذا النوع من المعادلات، إذ لا أخذ تام المنفعة؛ فلكل رزق ضريبته، إن لم تكن الضريبة في صورة جهدك أو وقتك أو خسارة ما فقد تكون في اضطرارك لتحمل مصدر رزقك (أيًّا كان نوع ذلك الرزق)، ولا أريد هنا ذكر ذاك المثل المشين -أعزكم الله- ولكن ربما تستذكرونه في هذه اللحظة وتدركون صحته في كثير من الأحيان.

لذا فإن التعايش والتكيف والتقبل أو أيًّا كان اسم هذه الخطوة -مع الاختلاف الطفيف في معاني ما سبق- هي خطوة لازمة للاستمرار، وهنا يمكننا القول أيضًا إن “البقاء للأقوى” في الجهتين، فإن كنتَ قادرًا على التكيف مع ما لابد لك العيش معه وقبول معظمه لتستمر فأنت الأقوى هنا، الأقوى من نفسك التي قد ترفض وجوده، وسيكون لك البقاء (لشجاعتك هذه وتمسكك بهذا القرار)، ومن الجهة الأخرى فإن المحفز الأكبر لاستمراريتك (والذي ربما لا طاقة لكَ به ولكنك على مرارة معاشرته تلزم نفسك بها لتتقدم وتنتج وربما لتكون قادرًا على استقلاليتك عنه في الوقت المناسب) سيكون هو المحفز الأجدر بالبقاء في حياتك، ذلك إن كنتَ تراه وقودًا، وسيكون الأجدر بالبقاء كمنغص ومؤخر ومعطّل ومعكّر وعقبة فيما لو رأيته مثبطًا وعائقًا.

ما المغزى من هذا الاستنتاج؟ هو أن تعرف بأنك تستنزف طاقتك وفرصت إذا ما قضيت عمرك نادبًا حظك وشاتمًا ما يقلب حياتك رأسًا على عقب وأنت تدرك في قلبك أنه أكبر مسبب دفعك لتسلق القمة، فلمَ لا تسير منذ اليوم في خط نجاحك ممتنًا له حتى تنتهي رسالته وتنصب رايتك أخيرًا؟

تحذير: لن يكون منقذك الأخير.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s